في دراسة حديثة أجراها "جيل بيزون" المسؤول في المؤسسة الوطنية الفرنسية للدراسات الديموغرافية أشار إلى أن الدول النامية ستواجه بعد فترة من الزمن أزمة المسنين حيث أنّ تضاعف عدد الأشخاص فوق الـ 65 من العمر في فرنسا استغرق 114عاما واستغرق تضاعفه في الولايات المتحدة 71 عاما لكن ذلك التحول سيحصل بعد 17 سنة في سورية.
مؤكدا أيضاً أن الدول النامية ستكون الأشد عرضة لموجة المسنين فطالما حذر الخبراء من تزايد أعداد السكان المتقدين في السن الأمر الذي سيجهد أنظمة الضمان الاجتماعي وتراجع معدلات الولادة وهو ما سيسبب نقصا في عدد العمال الأصحاء الأجسام القادرين على إعالة المسنين.
والمسألة التي تدق ناقوس الخطر أن الدول المتطورة قد مرّت عليها أجيال من الناس عملت على تأسيس شبكات أمانها المؤسساتية وتعديلها من أجل المسنين لكن الدول العربية أقل استعدادا لذلك بكثير والوقت المتوفر لها أقصر بكثير بالرغم من أن الفرصة سانحة إن بدأوا بجدية.
هذا ما جاء في مجلة نيوز ويك الأمريكية لنطرح تساؤلاً أين سورية من مسألة المسنين والتي ستلمس المشكلة بعد سبعة عشر عاما حسب الدراسة.
بداية لقد أدركت معظم الدول ظاهرة زيادة عدد المسنين نتيجة التقدم العلمي والوعي الصحي وتحسين الرعاية ومستوى المعيشة، وأدركت بالمقابل ضرورة الاهتمام بهذه الفئة العمرية لتنتقل من فكرة المسن الذي ينتظر النهاية إلى المسن الذي يساهم في حراك وتفعيل وتطوير المجتمع.
وسورية هي من ضمن هذا العالم الذي لا بد له أن يستعد لإدماج هذه النسبة في المجتمع والدولة، لذلك عمدت وزارة الصحة على تخصيص بند خاص بالمسنين لترفع درجة الاهتمام والوعي بدور المسن لينتقل إلى إنسان فعّال له دوره وحقوقه المضاعفة.
فأقامت الدراسات والاحصائييات لتصل إلى الاستراتيجية الوطنية لصحة المسنين.. لكن هل هذا العمل بدا بعيدا عن الاستراتيجيات والخطط؟؟
بحسب دراسة قدمها التقرير الوطني الأول للسكان في سورية لعام 2008 جاء أنّه من المتوقع أن ينمو الحجم النسبي للفئة العمرية (65) سنة فأكثر خلال العقدين القادمين من بين (4.2 إلى 4.4 %) من حجم السكان في العام 2025 ليصل عدد المسنين إلى أكثر من 1.2 مسن في سورية في عام 2025.
ومن برنامج صحة المسنين في سورية أكدت الدكتورة (سمر ندور) "أن سورية بدأت بالفعل بتطوير سياسة صحية واجتماعية شاملة للمحافظة على صحة المسنين وتعزيزها وتم وضع خطة وطنية وتنفيذ برنامج وطني يتضمن نشاطات تدريبية وتعليمية حول الشيخوخة وأمراضها والمشاكل الصحية التي يتعرض لها المسن وتدبيرها ونشر الوعي حول احتياجات المسن الصحية والاجتماعية وكيفية تلبيتها بمشاركة المجتمع".
وللقيام بالبرنامج كان لابد من إحصائيات وأرقام تحلل الوضع الراهن للمسنين في سورية، ومن خلالها تظهر نقاط القوة والضعف والاحتياجات الحقيقية في المجتمع السوري.
ومن هنا تم إعداد الخطة الوطنية لرعاية المسنين والتي يمكن تعديلها سنويا بحسب الاحتياجات، أما أبرز نقاطها فهي توفير الخدمات الصحية والعلاجية والوقائية مجانا للمسنين لتشمل كافة مسني القطر و التشخيص والكشف المبكر لأمراض الشيخوخة والتوعية الغذائية، والعمل على تأسيس فريق وطني متخصص في طب الشيخوخة وتعزيز التعاون والتنسيق بين وزارة الصحة والجهات ذات العلاقة وتعريف الجهات الأخرى بأهمية رعاية المسنين، وغيرها من البنود الهامة والتي آثرت الخطة على الاهتمام بها ودعمها.
احتفالات اجتماعية بيوم المسن وبالمدينة الصديقة للمسنين
من الناحية الاجتماعية تم الاحتفال في الثامن من تشرين الثاني عام 2007 باليوم العالمي للمسنين وذلك في قرية حزور التابعة لمدينة حماة وكان ذلك بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية وبرنامج حفظ وتعزيز صحة المسنين في وزارة الصحة وبعض الفعاليات الاقتصادية والخيرية.
وكان الاختيار لقرية حزور كونها انضمت إلى برنامج القرى الصحية عام 2003 و أقامت الملتقى الطبي التثقيفي الأول لأطباء قرية حزور الصحية عام 2004 وأقيم أيضا أسبوع العيادات الطبية المجانية عام 2005 . وكان هذا اليوم من تنظيم أهل القرية الذين أرادوا أن يحتفلوا بيوم للمسنين على أن تكرّس هذه الاحتفالية لأعوام مقبلة.
وقد خصصت مدينة حماة لتكون مدينة صديقة للمسنين من بين 33 مدينة في العالم والوحيدة في الوطن العربي على أن تنتشر هذه الفكرة في معظم القرى والمدن السورية، وسبب اختيار مدينة حماة فذلك يعود لبيئتها النظيفة وكذلك لأنه لا يوجد فيها إلى الآن أي دور للعجزة ما يعني أن الأسرة الحموية لازالت مترابطة وتعي دور وأهمية وجود المسن في الأسرة والبيت.
فجوة بين المجتمع والوزارة..
من خلال التصويت الذي قامت به إحدى المجلات الالكترونية السورية والذي طرح سؤال يقول كيف تقيّم الرعاية الرسمية للمسنين في سورية تبين أن الكثير من الناس لا يؤمنون بوجود الرعاية الحقيقية للمسنين في سورية بشكل مطلق، ومن خلال رصد بعض دور المسنين ظهر العبث بحياة المسنين وخصوصا التي تتولاها الجمعيات الخيرية والتابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
كل ذلك وضعنا ضمن تساؤل أجابتنا عن جزء منه الدكتورة ندور حيث قالت "بالفعل العلاقة بين الإعلام والوزارة ليست قوية وذلك لعدم وجود مخصصات كافية في الميزانية، أما بالنسبة لدور العجزة فهي ليست تابعة لوزارة الصحة لأنها ترتبط بشكل مباشر مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ونتمنى لو أن هذا الدور يتحوّل إلينا لنفعّل الاهتمام بهذه الدور بعد أن نحاول إعادة مد الجسور بين المسنين وأسرهم".
لكن المسألة الأساسية والحقيقية هي في التأمينات الاجتماعية والضمان الصحي فهل يكفي الراتب التقاعدي للمسن إن كان موظفاً ثمن شراء الدواء وتامين احتياجاته الأساسية دون اللجوء إلى الآخرين، وفي حالة أنه لا يتقاضى راتبا تقاعديا فالمشكلة أكبر بكثير فكيف سيؤمن هذا المسن حاجياته الأساسية والملحّة كالدواء مثلاً هذا ما تجيبنا عنه بعض دور العجزة والتي يستطيع المهتم رصدها وخصوصا الخيرية منها فهي تعاني من أسوأ الظروف الصحية والاجتماعية للمسن تفوق بكثير دور الأيتام فالإهمال النفسي والصحي للمسن داخل هذه الدور جعله مكانا ينتظر فيه المسن لحظة النهاية، فهل ندق ناقوس الخطر ونعترف بمشكلة الإهمال النفسي والاجتماعي والمادي للمسن ونبدأ بتأسيس شبكات أمان للمسنين أم ننتظر الأزمة المتوقعة بعد سبعة عشر عاماً ؟؟ سؤال برهن المسؤولين والمعنين.
رهادة عبدوش
المصدر: النور إرسال الى صديق عــودة
|